مميزات المكتبات الرقمية
لكل شيء مميزاته وعيوبه ولابد عند الحديث عن المكتبات الرقمية من إبراز أوجه الاستفادة منها، كما نوضح الانتقادات التي توجه إليها، أما عن مميزات المكتبات الرقمية، فلا شك أنها تتميز عن المكتبات التقليدية في العديد من الأوجه:-
1- الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة للمكتبات الرقمية، وتكنولوجياتها من حيث ترابط المعلومات عن الموضوع الواحد وذلك باستخدام مميزات النصوص الفائقة Hypertext والوسائط المتعددة Multimedia، حيث تتيح للباحث الوصول لمعلومات كثيرة جداً عن موضوع بحثه, عن طريق الروابط النشطة للموضوع في أماكن أخرى.
2- توفير وقت وجهد الباحث، وتخطي الحواجز المكانية والزمنية بين البلاد، فلا يحتاج الباحث للوصول إلى معلومة ما لسفر أو ما شابه ذلك، بل الولوج في الشبكة (المعلوماتية) والبحث عن مبتغاه والحصول عليه، وهذا تطبيق لمبدأ وصول المعلومات للمستفيدين.
3- إمكانية المشاركة في المصادر الإلكترونية بين المكتبات Sharing Digital Resources Between Libraries، مما يمكن من قراءة الوثيقة أو استخدام مصدر المعلومات من أكثر من باحث في نفس الوقت، مما يزيد من فعالية مصدر المعلومات وزيادة الاستفادة منه.
4- القدرة على السيطرة على أوعية المعلومات والمصادر الإلكترونية، حيث يمكن تنظيم المعلومات والبيانات وتخزينها وحفظها بطرق دقيقة وبصورة فعالة، كما يمكن تحديثها بسهولة، وهذا بالطبع ينعكس بالإيجاب على سهولة استرجاع هذه البيانات والمعلومات من قبل المستفيدين.
5- تسهيل عمليات الإعارة بين المكتبات ومؤسسات المعلومات المختلفة، وزيادة التعاون بين المكتبات في شتى المجالات، بما يحقق تقديم مستوى أفضل من الخدمات للمستفيدين، وتعزيز الاتصال مع مرافق المعلومات المختلفة بوسائل سريعة ومضمونة.
6- تعزيز دور المصادر الالكترونية في البيئة العربية وبيان أهميتها من حيث سرعة إعداد وإنتاج وتبادل المعلومات والبيانات عبر الشبكة العنكبوتية.
7- الخروج بالمكتبات ومراكز المعلومات من حيز المكان إلي مكتبات بلا جدران، حيث يستطيع المستفيد الوصول إلي محتواها من أي مكان حول العالم.
8- مواكبة التقدم التقني وثورة المعلومات واستغلالها في مجال المكتبات والمعلومات.
ومع كل هذه المميزات وغيرها للمكتبات الرقمية والتي لا مجال لذكرها هنا ، نجد آراء تُبرز سليبات للمكتبات الرقمية، كالقول بعدم موثوقية المعلومات والبيانات الرقمية، وهل المعلومات هذه موثقة, ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي؟.
كما يذكر د. عبد الرحمن فراج في مقاله أن من المشكلات التي تواجه تجارب المكتبات الرقمية هو التقادم التقني Technological Obsolescence على مستوى البرمجيات Software والأجهزة ومعدات المكتبات الرقمية Hardware، كما تبرز مشكلة الحقوق الفكرية أو الملكية الفكرية للمواد ومصادر المعلومات المنشورة في شكلها الإلكتروني والرقمي ومدى إمكانية التحكم في هذه الحقوق وإدارتها من قبل مالكيها، كما أن مشكلة الارتفاع النسبي في تكاليف إنشاء هذه المكتبات يعوق من انتشارها وخاصة في الدول الفقيرة أو دول العالم العربي خاصة، في ظل مشكلات التكامل بين المكتبات واختلاف البرمجيات بين مكتبة وأخرى، و هناك مشكلة أخرى تعدٌّ هامة جداً في هذا المجال، وهي تخلف أساليب الوصول إلى المعلومات والبيانات الرقمية المختزنة في المكتبات الرقمية، وذلك بالمقارنة مع الزيادة السريعة في اقتناء المواد ومصادر المعلومات الإلكترونية.
احتياجات المكتبات الرقمية
عند البدء في أي مشروع لابد له من احتياجات ومتطلبات حتى يتمكن هذا المشروع من تحقيق الأهداف التي من أجلها أُنشأ، وعند بداية مشروع إنشاء المكتبة الرقمية، لابد من تحديد الاحتياجات الخاصة لمثل هذا النوع من المكتبات من حيث الاحتياجات التقنية، والمادية، والبشرية، والحاجة إلى المعايير والسياسات والإجراءات التي سيتم إتباعها في تعاملات هذه المكتبة باعتبارها مؤسسة. وسوف نبدأ حديثنا أولاً عن الاحتياجات التقنية للمكتبات الرقمي
أولاً: الاحتياجات التقنية
يقصد بالاحتياجات التقنية البرامج والتقنيات المستخدمة في المكتبات الرقمية، فتأسيس وبناء مكتبة رقمية يواجه تحديات جدية، فتحويل مصادر المعلومات التقليدية إلى أخرى رقمية ليس بالأمر السهل، كما هو الحال عند دخول التقنيات الأخرى كالمواد السمعية البصرية إلى مجال المكتبات والأسطوانات المكتنزة وما صاحبها من تغييرات وتعديلات في مسارات المكتبات,كي تتلاءم مع الأشكال الجديدة من مصادر المعلومات، وبمجرد التفكير في بناء مكتبة رقمية لابد من توافر الاحتياجات التقنية الخاصة بها من معدات وأجهزة حاسوب فلا شك أن هناك فارق كبير بين أتمتة المكتبات Automation، وبين عمليات الرقمنة Digitization، ففي عمليات الأتمتة يتم تحويل العمليات المكتبية الفنية والبشرية من الشكل التقليدي المعتمد على العنصر البشري وقدراته, إلى الشكل المحوسب بالاعتماد على قدرات الحواسيب واستخدامها في إنجاز المعاملات المكتبية من عمليات فنية إلى الاستعارة وغيرها. أما الرقمنة فإنها تعني تحويل المجموعات المكتبية ومصادر المعلومات من صورتها التقليدية إلى الصورة الرقمية، سواء عن طريق عمليات المسح الضوئي Scanning أو إدخالها كنص رقمي Digital Text.
ويمكن تلخيص هذه المتطلبات التقنية فيما يلي : -
1. الأجهزة والمعدات Hardware التي سيتم عن طريقها تحويل المصادر التقليدية إلى الشكل الرقمي.
2. البرمجيات الخاصة بعمليات تكويد مصادر المعلومات في الشكل الرقمي، وكذلك بروتوكولات Protocols الربط بين أجزاء المكتبة الرقمية، المتصفحات Browsers وبرامج استرجاع الوثائق والبيانات من المكتبة الرقمية.
3. شبكات الاتصال Communication Networks ، ومنافذ للشبكة العالمية الإنترنت Internet Terminals والتي لابد أن تكون بقدرات عالية وكفاءة وسرعة فائقة.
4. قواعد البيانات Data Bases التي تختزن فيها النصوص الكاملة للوثائق ومصادر المعلومات، ولابد أن تكون هذه القواعد قادرة على استيعاب كافة أشكال المصادر الرقمية Digital Format .
5. اعتماد نسق معين لبيانات الوثائق ومصادر المعلومات يتم استخدامه بصفة دائمة، وهي كثيرة في الوقت الحالي، ولكن أفضل ما يُوصى به عالمياً هي لغة الترميز القابلة للامتداد Extensible Markup Language (XML).
6. برمجيات حماية حقوق الملكية الفكرية لمصادر المعلومات والوثائق الرقمية، سواء التي تم تحويلها من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي، أو تلك التي أُنتجت أصلاً في شكلها الرقمي.
7. برمجيات الأمان والتحقق من هوية المستخدمين للمكتبة الرقمية، وأمن والبيانات والمجموعات الرقمية.
8. وسائط التخزين لمصادر المعلومات، والتحقق من مدى قدرتها على الاستيعاب لما قد يزيد من المصادر الرقمية وارتباطاتها في المستقبل القريب والبعيد، ومدى قدرات التخزين الاحتياطية لهذه الوسائط.
9. واجهات الاستخدام للمستفيدين User Interfaces والتي يجب أن يتم مراعاة المواصفات العالمية في تصميمها.
ثانياً: الاحتياجات المادية
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن الاحتياجات المادية من توافر الميزانيات المالية هي واحدة من أهم عوامل قيام المشروعات بصفة عامة، والمكتبات الرقمية بصفة خاصة، فلابد من توافر الموارد المالية اللازمة لقيام المكتبات الرقمية، وهنا لابد أن نشير إلى أن التكاليف الباهظة نسبياً في عملية إنشاء المكتبات الرقمية يمكن أن تقف حجر عثرة في هذه العملية وخاصة في البلدان العربية، وذلك لنقص التكنولوجيا المؤهلة لقيام مثل هذا النوع من المكتبات، وعند قيام مكتبة أو مؤسسة بمفردها في البدء بإنشاء مكتبة رقمية فإن ذلك سيكون مرهقاً جداً، ولكي يحقق أحد الأهداف المرجوة من المكتبة الرقمية وهو تقليل النفقات عن المكتبات التقليدية، لذا من الضروري أن يكون هناك مشاركة في عمليات إنشاء وبناء مثل هذه المكتبات الرقمية، مما يجعل النفقات موزعة على أكثر من جهة، وبهذا يتحقق تقليل النفقات في عمليات الإنشاء وأيضاً يتحقق التعاون بين المؤسسات المعلوماتية والمكتبات لتقديم مستويات أفضل من الخدمات للمستفيدين من هذه المؤسسات عن طريق المشاركة في التكاليف وكذلك المشاركة في المصادر والذي يعد الآن من الاتجاهات العالمية في شتى المجالات وبخاصة في مجالات المعلومات وتبادل البيانات، ولعنا إذا راجعنا معظم مشروعات المكتبات الرقمية سنجد أنها لم تنشأ عن مؤسسة واحدة مهما كانت الإمكانيات المتوافرة لها، وإنما هي ثمرة تعاون مؤسسي بين أكثر من جهة فعلى المستوى العالمي نجد أن جامعة بيركلي Berkeley أقامت مكتبتها الرقمية بالتعاون مع شركة صن للمجموعات الرقمية Sun Microsystems, Inc.، وعلى المستوى العربي نجد أيضاً أن مكتبة الإسكندرية تتعاون مع جامعة كارنيجي ميلون Carnegie Mellon University في كثير من المشروعات الرقمية بها.